السبت 04 أيار 2024 الموافق 25 شوال 1445
آخر الأخبار

أربعـوُن ثانيةً.. بقلم فضيلة الشيخ غازي حمزه

ياصور
من مخاض الأرض كانت كفيلةً بإيقاظ الفـطـرةِ من سـُباتها العميق .الـذي حنطتهُ الظـروف مع الوقائع المُستدامه . لقد إنتبه الناسُ في لحظةٍ من الغفوات إلى الخالق من دون وسائط تُذكر .أو تمجيدٍ لأحدٍ . إلا للواحد الأحد . حتى الحُفاة لم يسألوا عن أحذيتهم أو العُراة عن ملابسهم . فالعالمُ في بعض نواحيهِ كانت نيَّاحتةُ على حاكميه .مما هم فيه بلا ريب . من بَردٍ وصقيعٍ وحرمان .

أربعـون ثانيةً وهم يتسألونَ عن ريختر وميزانهِ المُنصف للمشاعر من دون مواربة . وعن طبقات الأرض وقشرتها وعن مفهوم المركز والإرتداد الذي أقلقَ البلادَ والعباد . حتى إن البهائم تحتاطُ فتخرجُ من مخابئها . هكذا سمعتُ بعضهم يقول .

أربعون ثانيةً من الرقص البطيء للأرض المنكوبة بحاكميها وبمنْ تَحملُ فوق ظهرها أحياناً .حركَ برقصتها أحاسيس الجحافل من الأموات الذين يَجأرون بالتحدي الصريح للخالق ولإبداعه الجميل .

وكأن الوباء المَار من خلف أقنِعتهم . ثم إختلال الموازين في المعيشة والغذاء . وليس إنتهاءاً بأزمات تَتفوقُ على القلب في تَحمُلها لا تعنيهم . إلا ما يستجمعون من ملذات خاصه .
لكن ثوانٍ من الرقص المُسجل في الصدور . ولمن تَحسَسهُ .أذهبَ المغانم برمشةٍ . ليُبقي سنَّانيراً في الأحداق . كبَريدٍ مُستعجلٍ ينقلُ الصورَ لأذهانهم .

أربعون ثانية لا أكثر . كان التسليمُ فيها للخالق وحدهُ . وليس لزعيم أو المذهب والعرق.
ثم بسط سبحانهُ الأبصار للتأمل البسيط في مرمىَ النفس . بأي حال نحن فيه؟
فذا يهرعُ وذاك يهرولُ وأخر يخشى أو يطمئن من تصدع مبناه بعد تصدع أماله أو أحلامه .
ناهيكَ عن الأراء المُفعمةِ بالتبرير والتبريد . أو إستخراج العلل والبراهين الدينية . في غضب السماء أو رضاها بما جرى . فلأنيةُ خاويةُ ولا تنضحُ إلا بغبار من فوقَ التصدُعات إجمالاً .

أربعون ثانية ولن تقفَ ههنا . طالما الجورُ مُستفحلُ والظلمُ سائدُ والرعايا لاجئون . والمنكوبُ خائفُ والحاكمُ مُهرج فوق مصائب الناس .

فأُمُنَا الأرضُ قررت المشاركةَ مع المناخ في إعادة ترتيب المفاهيم الواقعيه . فاليس غضباً من السماء أو لأن من عليها يتحدون الخالق . بل لتُحافظ على خلاياها التي تُستَئصل من رحمها عنوةً من دون حق .

أربعون ثانيةً وقد رتلَ الناسُ من بعدها أيات الخالق .وتسابيح القدسين واستغفارات المخلوقين من دون جدوى!
اذا لا جَدوةَ من قلوب قتلتها التجارب مع سلاطين حُب البقاء . ولم يكن البقاءُ يوماً أو للحظةٍ إلا للباقي سبحانهُ .

أربعون ثانيةً من أعمارنا كانت بمثابة دُعاء ودعوى . على ماضينا ولمستقبلنا الذي لا يستقيمُ إلا بالعلم والعمل . الخالصان لوجه الله الكريم ولإنسانه المسكين الذي يكفيه من الخوف ما هو فيه .

أربعون ثانية والعمر يترنحُ في حسابهَا المصروف .فلعل الحساب أتٍ أو فُتحَ من جديد لشعوب . لم تُشرعَ نوافذَ العقل أو القلب لخالقها . بل لما هم دونه . فعسى الرجوع اليه أنفع وذكرهُ أنجع سبحانه

أربعون ثانيةً أكثرُ بكثير من عمرٍ طـويل .لمنْ عاشَ أو يعش الكفاح والمُعاناة . والترفُ قصيرُ ولإن طال أمَدهُ .

الشيخ غازي حمزه
تم نسخ الرابط