الفوائد الدنيوية والاخروية لصلة الرحم.. بقلم الشيخ جمال بري
تاريخ النشر : 19-04-2023 12
بقلم : الشيخ جمال بري
27 رمضان 1444 هجرية

بسم الله الرحمن الرحيم

صلةُ الرحم خُلق إجتماعي رفيع دعا إليه الإسلام الحنيف وحض عليه، فهو يربي المسلم على الإحسان إلى الأقارب وصِلتهم ، وإيصال الخير إليهم ، والتضامن معهم ودفع السوء عنهم.

وهو من الحقوق العشرة التي أمر الله بها أن توصل في قوله تعالى :

( وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى )

وجعَلَ الله تعالى الوصيَّة بصلة الأرحام قرينةَ الوصيَّة بالتقوى؛ فقال تقدست اسماؤه :

﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾

فأمَر سبحانه بصلة الأرحام بعد أمرِه بالتقوى، مُنبِّهًا على داعِيها، وهو ما بين الناس من صِلة النسب، وليدلَّ على أنَّ صلة الرَّحِم ابتغاء وجهه, أثرٌ من آثار التقوى ، ودليلٌ على صِدق الإيمان ؛ فأوصَلُ الناسِ لرحمِه أكمَلُهم إيمانًا بربِّه وأتقاهم له.

ولهذا كان النبيُّ صلى الله عليه وآله أوصَلَ الناسِ لرَحِمِه وأتْقاهم له، كما هي سيرة أئمة اهل البيت السامية من بعده صلوات الله عليهم اجمعين.

ومن الفوائد العظيمة لصلة الرحم في الدنيا والاخرة كما ورد في الاحاديث الشريفة المستفيضة انها :

اولا: طاعة لله عز وجل , ووصل  لما أمر الله به أن يُوصل.

ثانيا : صلة الرحم : تزكي الاعمال, وتنّمي الاموال , تدفع البلاء , وتحسّن الخُلُق, تُسمِّحُ الكف , وتطيّب النفس , تنفي الفقر ,  وتزيد في الرزق , تطيل العمر , وتكفّر الذنوب ,  تعمّر الديار, وتدفع ميتة السوء , تضاعف الثواب , وتيسّر الحساب, وتهوِّن من سكرات الموت، وتُنسئ في الاجل.

 ثالثا : صلة الرحم تجلب صلةَ الله للواصل ,وتحصيل عونه وتأييده , ومن أعظم أسباب دخول الجنة.

رابعا : من بركات صلة الرحم وفوائدها العظيمة أنها دليل على كرم النفس، وسعة الأفق، وطيب المنبت، وحسن الوفاء, ومدعاةٌ لرفعةِ الواصل، وسببٌ للذكر الجميل، وموجبةٌ لشيوع المحبة، وعزة المتواصلين ، وبها يصفو عَيشهم وتكثر مسراتهم. وأوصلُ الناس من وصل من قطعه, وحق الرحم لا يقطعه شيء.

وكما ورد الامرُ بصلة الرحم , وانها دليل التقوى وعلامة الايمان,  حذَّر الاسلام الحنيف ايَّما تحذير من قطيعة الرحم ومن عواقبها الوخيمة في الدنيا والاخرة :

قال تعالى : فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ " ؟
وأنَّ قطع الرحم هي كبيرة من كبائر الذنوب، وان الله تعالى رتَب العقوبة والطرد من رحمته لمن قطع رحمه .

وقد روي ان الامام علي بن الحسين عليه السلام قال في وصيته لولده :  " يا بني لا تصحبنَّ قاطع رحم , فإني وجدته ملعونا في كتاب الله في ثلاثة مواطن.
وفي المروي عن الامام الصادق عليه السلام انه قال : " اتقوا الحالقة فإنها تميت الرجال , قيل : وما الحالقة ؟ قال : قطيعة الرحم !

ومن النتائج الوخيمة لقطع الرحم :

 أن قاطع الرحم تُعجَّل له العقوبة في الدنيا، وفي الآخرة فقد روي انه لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ , وإنَّ هذه الرَّحِم شِجْنَةٌ من الرحمن (اي شُعبة ), فمَن قطَعَها حرَّم الله عليه الجنَّة والعياذ بالله .

ايها القارئ الكريم  :

ليس هناك  أفضل واعظم  من شهر الرحمة وايام العيد خصوصا وسائر اوقات السنة عموما من أن يتقرب المسلم فيه لربه بصلة رحمه ابتغاء لمرضاته وعظيم ثوابه ، وإزالة لما قد يقع في النفوس من شحناء  وخصومة, فالمبادرة بالزيارة والصلة - وإن كانت شاقة على النفس احيانا -  ولكنها عظيمة القدر عند الله تعالى. وقد تكون مكالمة واحدة تتضمن سؤالا واطمئنانا عن الصحة والعيال والعمل هي فاتحة لأبواب الخير والبركة والتعاطف والوئام.

ومن وسائل صلة الرحم :

تَفَقُّد أحوالهم، ، والإهداء إليهم، والتصدق على فقيرهم، والتلطّف مع وجيههم وغنيهم، وتوقيرُ كبيرهم، ورحمةُ صغيرهم , وزيارةُ مرضاهم وقضاء حاجاتهم..

ومن محققات صلة الرحم :

 استضافة الارحام، وحسنُ استقبالهم، وإعزازُهم، واعلاءُ شأنهم ومشاركتُهم في أفراحهم، ومواساتُهم في أتراحهم.
وتكون الصلة للرحم ايضا  بالدعاء لهم  بكل خير, والحرص على نصحهم، ودعوتهم إلى الخير، وأمرهم بالمعروف والجميل, ونصحهم في السر , ونهيهم عن القبيح والمنكر بالحكمة والموعظة الحسنة وبكل قول لين وجميل ، وبذل الجهد في إصلاح ذات البين إذا فسدت, وإعمال فضيلة الصلح والوئام . 

نسأل الله تبارك وتعالى ان يوفقنا لصلة الارحام بكل خير وجميل، وان يجنِّبنا القطيعة واتِّباع خطوات الشيطان, وان يتقبَّل منا صالح الاعمال انه سميع مجيب , وكل عام وانتم بالف خير .

   

اخر الاخبار