
كتبت الإعلامية وفاء بيضون في " اللواء"
شكّلت أولى المراحل من المفاوضات الجديدة بين إيران والولايات المتحدة الأميركية حول «الملف النووي الإيراني» إحدى أبرز التطورات على المستوى السياسي بعد المصافحة الواعدة بين وزير خارجية إيران «عباس عراقجي» وموفد الرئيس الأميركي للشرق الأوسط «ستيف ويتكوف» في «سلطنة عمان». فثمة تقديرات حول مصيرها المرتبط بشكل أو بآخر بالأحداث المترامية في المنطقة ذات النفوذ المتقاطع بين البلدين.
صحيح أن المفاوضات تأخذ عنوان «ملف إيران النووي والسلاح البالستي» إلّا أنها لا تخفي رغبة واشنطن تجاوز العناوين العريضة إلى التفاصيل المتعلقة بسياسة إيران في المنطقة المتعارضة مع خريطة طريق الولايات المتحدة للشرق الأوسط الجديد، الذي يطل بملامح جيو-سياسية جديدة بعد سقوط النظام في سوريا، وتمدد كيان الاحتلال في المنطقة الجنوبية منها، ونتائج الحرب على لبنان الذي عوّم مجدّداً مصير سلاح «حزب الله»، إضافة إلى تطورات البحر الأحمر والاستنفار الحوثي المستند على قضية فلسطين. هذا عدا نتائج حرب غزة التي كرّست مفهوم التوسّع الإسرائيلي من بوابة القضاء على الهوية الفلسطينية وقيام الدولة المستقلة الموعودة.
مصادر سياسية مطّلعة على التفاوض الإيراني، تحدثت عن أنّ ربط أي نتائج إيجابية قد يصل إليها الطرفان مشروطة، وإن بشكل مغلّف دبلوماسيا، بتخفيف الضغط عن «حزب الله» في لبنان تحديداً، وأن مصير الأموال التي قد يفرج عنها أميركياً وهي عشرة مليارات كدفعة أولى ستخصص إيران منها ستة مليارات لإعادة إعمار ما دمرته الحرب في لبنان، على أن يكون مجلس الإنماء والإعمار، وهو هيئة رسمية لبنانية، هو الجهة المخوّلة لإعادة الإعمار دون أن يكون للحزب أي علاقة بذلك.
وتضيف المصادر نفسها: «انه يمكن الوصول بملف السلاح إلى تسليم الحزب بعض الصواريخ الثقيلة كفاتح واحد وفاتح اثنان أو استعادة إيران لها مع ضمانات إيرانية بعدم القيام بأي إجراء يستفز إسرائيل، على أن تنسحب قوات الاحتلال من النقاط الخمسة المحتلة، ويتم ترحيل ترسيم الحدود إلى محادثات سياسية بين لبنان وكيان الاحتلال بشكل غير مباشر، أقلّه في الفترة الأولى». وهذه الطروحات لم تلقَ أي جواب سلبي أو إيجابي من «الطرف الأميركي بانتظار ما ستؤول إليه باقي الملفات المتمثلة بسير المفاوضات، ولا سيما أن واشنطن في عهد ترامب تميل أكثر إلى تدوير الزوايا من باب المصلحة الاقتصادية وتهدئة الجبهات المتوترة في المنطقة كممر آمن لترتيب المصالح الأميركية».
إذاً، أولى خطوات الألف ميل بدأتها أميركا وإيران مع إتمام أولى أوراق المفاوضات غير المباشرة في مسقط العمانية، بانتظار محفوف بالحذر تشهده المنطقة، مع ما سيحمله من تداعيات على المشهد الإقليمي وخصوصاً لبنان.
وتلفت المصادر الإعلامية المواكبة: «إلى أن المفاوضات سارت على أساس مبدأ الاحترام المتبادل، واصفة الحوار بالبنّاء والمثمر، معتبرة أن أول مصافحة وحديث مباشر بين ويتكوف وعراقجي يأتي في إطار خطوة نحو الأمام ستنعكس إيجابا لصالح الطرفين، في وقت اعتبر وزير الخارجية الإيرانية أن الهدف ليس التفاوض من أجل التفاوض، بل الأولوية لتأمين مصالح إيران الوطنية من خلال الدبلوماسية والحوار بشأن القضايا النووية ورفع العقوبات».
في المحصلة يبقى علينا الترقّب المحمول على ظهر هذه المفاوضات مع إدراك الجميع أنها بالغة التعقيد، وفق ما وصفها البيت الأبيض عقب انتهاء الجولة الأولى من المحادثات ليبنى على استكمال المسار مقتضى التعاطي بين البلدين وتحليل النتائج ومن ثم ترجمتها على أرض الواقع مع كل متفرعاتها المرتبطة بمصالح «إيران وواشنطن» في المنطقة.