صرخة في وجه الموت: غزة تحتضر فهل من منقذ

أبو شريف رباح
هنا غزة !!! حيث لا خبز يسد الرمق، ولا طعام يخفف الجوع ولا ماء يروي العطش ولا أدنى مقومات للحياة للبشر، هنا غزة !!! المدينة التي تختنق تحت وطأة الحرب والعدوان وتتآكل فيها الحياة ويخيم شبح الموت فوق رؤوس ساكنيها وفي الطرقات والركام حتى بتنا نخشى أن نصحو يوما فلا نجد إنسانا يسير فوق ترابها المغموس بدماء الشهداء.
هنا غزة !!! التي تذبح من الوريد إلى الوريد !!! هنا غزة التي تستباح على مرأى ومسمع العالم الذي أطبق أذنيه وأغلق عينيه فلم يعد يسمع صراخ الأطفال ولا يرى دموع الأمهات ولا جراح الشيوخ، هنا غزة !!! التي تموت بأسرع من البرق كأن الزمن يخجل من سرعة الفاجعة وكأن النكبة لم تكن كافية وجراحها لم تندمل حتى تفتح من جديد على اتساع السماء.
هنا غزة !!! التي لا تموت بهدوء بل بصراخ الأرض وانهيار الجدران وأنقاض البيوت التي هدمت فوق رؤوس ساكنيها، هنا غزة التي تذوب في تحت القصف والدمار وتختنق من الحصار والخذلان وتنهار بألم يفوق قدرة البشر على الصمود.
هنا غزة !!! التي لم تعد كما كانت ولم يبقى فيها شيء لم تمسه يد الخراب فلم ينجوا لا البشر ولا الشجر ولا حتى الحجر، هنا غزة التي أصبحت أنقاضا فوق أنقاض وصدى لماضي كان يزدهر بالحياة ثم غادره كل شيء مع استمرار العدوان، هنا غزة !!! التي تتلاشى ملامحها شيئا فشيئا حتى باتت تسأل عن ذاتها أين أنا؟ ومن يعيد لي إسمي وناسي وكياني؟
هنا غزة !!! التي لم تعد تحتاج لدعم عابر أو تصريح باهت، هنا غزة !!! التي تنادي نداءها الأخير أنقذوني !!! أنقذوا من تبقى من الأطفال الذين ناموا جوعى، أنقذوا النساء اللواتي يلدن تحت النار، أنقذوا الشيوخ الذين يحتمون بأطلال منازلهم كأنها آخر معاقل الذاكرة.
هنا غزة !!! تنادي هل من منقذ؟ هل من ضمير حي يسمع هذا النداء؟ هل من قوة توقف آلة القتل والتدمير والإبادة التي تسحق غزة ليل نهار؟
هنا غزة !!! التي تصرخ بكل ما بقي فيها من كبرياء وألم ومعاناة، لا تتركوني وحدي ولا تتركوا ابنائي يبادون وهم يرفع راية الصمود بأيديهم العارية.